الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآية رقم (40): قوله عز وجل: {حَتَّى إذا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} فيه ستة أوجه: أحدها: وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تَنُّوراً، قاله ابن عباس وقيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك. الثاني: أن التنور العين التي بالجزيرة «عين وردة»، رواه عكرمة. الثالث: أنه مسجد بالكوفة من قبل أبواب كندة، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الرابع: أن التنور ما زاد على وجه الأرض فأشرف منها، قاله قتادة. الخامس: أنه التنور الذي يخبز فيه، قيل له: إذا رأيت الماء يفور منه فاركب أنت ومن معك، قاله مجاهد. قال الحسن: كان تنوراً من حجارة وكان لحواء ثم صار لنوح، وقال مقاتل: فارَ من أقصى دار نوح بعين وردة من أرض الشام، قال أمية بن الصلت: السادس: أن التنور هو تنوير الصبح، من قولهم: نور الصبح تنويراً، وهو مروي عن علي رضي الله عنه. {قُلْنَا احِملْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجِيْن اثْنَينِ} يعني من الآدميين والبهائم ذكراً وأنثى. {وَأهْلَكَ} أي احمل أهلك. {إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} من الله تعالى أنه يهلكهم وهو ابنه كنعان وامرأته كانا كافرين: قاله الضحاك وابن جريج. {وَمَن آمَنَ} أي احمل من آمن. {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيْلٌ} واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل: أحدها: ثمانون رجلاً منهم جرهم، قاله ابن عباس. الثاني: ثمانين، قاله ابن جريج. الثالث: سبعة، قاله الأعمش ومطر، وكان فيهم ثلاثة بنين: سام وحام ويافث، وثلاث بنات له ونوح معهم فصاروا سبعة. وعلى القول الثاني: كانت فيهم امرأة نوح فصاروا ثمانية. قال محمد بن عباد بن جعفر: فأصاب حام امرأته في السفينة، فدعا نوح أن يغير الله نطفته فجاء السودان. .تفسير الآيات (41- 43): قوله عز وجل: {وقال اركبوا فيها بِاسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيمٌ} قال قتادة: ركب نوح عليه السلام في السفينة في اليوم العاشر من رجب، ونزل منها في اليوم العاشر من المحرم، وهو يوم عاشوراء، فقال لمن معه: من كان صائماً فليتم صومه، ومن لم يكن صائماً فليصمه. وقوله {بسم الله مجريها} أي مسيرها، {ومُرساها} أي مثبتها، فكان إذا أراد السير قال: بسم الله مجريها، فتجري، وإذا أراد الوقوف قال: بسم الله مرساها. فتثبت واقفة. قوله عز وجل: {قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} قال ذلك لبقائه على كفره تكذيباً لأبيه، وقيل إن الجبل الذي أوى إليه طور زيتا. {قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} فيه وجهان: أحدهما: إلا من رحم الله وهم أهل السفينة. الثاني: إلا من رحم نوح فحمله في سفينته وقوله {لا عاصم} يعني لا معصوم. {من أمر الله} يعني الغرق. .تفسير الآية رقم (44): قوله عز وجل: {وقيل يا أرض ابلعي ماءَك} جعل نزول الماء فيها بمنزلة البلع، ومعناه ابلعي الماء الذي عليك، فروى الحسن والحسين عليهما السلام أن بعض البقاع امتنع أن يبلع ماءه فصار ماؤه مراً وترابه سبخا. {ويا سماء أقلعي} أي لا تمطري، من قولهم أقلع عن الشيء إذا تركه. {وغيض الماء} أي نقص حتى ذهبت زيادته عن الأرض. {وَقضي الأمر} يعني بهلاك من غرق من قوم نوح. {وَاستوت} يعني السفينة. {على الجودي} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه جبل بالموصل، قاله الضحاك. الثاني: أنه جبل بالجزيرة، قاله مجاهد. قال قتادة. هو بباقردى من أرض الجزيرة. الثالث: أن الجودي اسم لكل جبل، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل. .تفسير الآيات (45- 47): قوله عز وجل: {ونادى نوحٌ ربه فقال رَبِّ إنَّ ابني من أهلي} وإنما قال {من أهلي} لأن الله تعالى وعده أن ينجي أهله معه. {وإن وعدك الحق} يحتمل وجهين: أحدهما الذي يحق فلا يخلف. الثاني: الذي يلزم كلزوم الحق. {وأنت أحكم الحاكمين} يعني بالحق: فاحتمل هذا من نوح أحد أمرين: إما أن يكون قبل علمه بغرق ابنه فسأل الله تعالى له النجاة، وإما أن يكون بعد علمه بغرقه فسأل الله تعالى له الرحمة. قوله عز وجل: {قال يا نوح إنه ليس من أهلك} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه ولد على فراشه ولم يكن ابنه وكان لغيره رشدة، قاله الحسن ومجاهد. الثاني: أنه ابن امرأته. الثالث: أنه كان ابنه، قاله ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك. قال ابن عباس: ما بغت امرأة نبي قط. وقيل إن اسمه كان كنعان، وقيل بل كان اسمه يام. قال الحسن: وكان منافقاً ولذلك استعجل نوح أن يناديه فعلى هذا يكون في تأويل قوله تعالى: {إنه ليس من أهلك} وجهان: أحدهما: ليس من أهل دينك وولايتك، وهو قول الجمهور. الثاني: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك، قاله سعيد بن جبير. {إنه عملٌ غير صالحٍ} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن مسألتك إياي أن أنجيه عمل غير صالح، قاله قتادة وإبراهيم وهو تأويل من قرأ عملٌ غير صالح بالتنوين. والثاني: معناه أن ابنك الذي سألتني أن أنجيه هو عملٌ غير صالحٍ، أي أنه لغير رشدة، قاله الحسن. والثالث: أنه عملٌ غير صالحٍ، قاله ابن عباس، وهو تأويل من لمن ينون. {فلا تسألن ما ليس لك به علمٌ} يحتمل وجهين: أحدهما: فيما نسبته إلى نفسك وليس منك. الثاني: في دخوله في جملة من وعدتك بإنجائهم من أهلك وليس منهم. {إني أعظُك أن تكون من الجاهلين} يحتمل وجهين: أحدهما: من الجاهلين بنسبك. الثاني: من الجاهلين بوعدي لك. وفي قوله {إني أعظك} تأويلان: أحدهما: معناه إني رافعك أن تكون من الجاهلين. الثاني: معناه أني أحذرك ومنه قوله تعالى: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً} أي يحذرّكم. .تفسير الآيات (48- 52): قوله عز وجل: {يُرْسِلِ السماء عليكم مدراراً} فيه وجهان: أحدهما: أنه المطر في إبانه، قاله هارون التيمي. الثاني: المطر المتتابع، قاله ابن عباس. ويحتمل وجهين آخرين: أحدهما: يُدرُّه عند الحاجة. والثاني: يُدرُّ به البركة، وهو مأخوذ من درور اللبن من الضرع. {ويزدكم قوة إلى قوتكم} فيه أربعة أوجه: أحدها: يعني شدة إلى شدتك، قاله مجاهد. الثاني: خصباً إلى خصبكم، قاله الضحاك. الثالث: عزاً إلى عزكم بكثرة عددكم وأموالكم، قاله علي بن عيسى. الرابع: أنه ولد الولد، قاله عكرمة. ويحتمل خامساً يزدكم قوة في إيمانكم إلى قوتكم في أبدانكم. .تفسير الآيات (53- 60): قوله عز وجل: {إن ربي على صراط مستقيم} فيه وجهان: أحدهما: على الحق، قاله مجاهد. الثاني: على تدبير محكم، قاله علي بن عيسى. ويحتمل ثالثاً: أنه على طريق الآخرة في مصيركم إليه للجزاء وفصل القضاء. .تفسير الآية رقم (61): قوله عز وجل: {هو أنشأكم من الأرض} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: خلقكم من الأرض لأنكم من آدم وآدم من الأرض، قاله السدي. والثاني: معناه أنشأكم في الأرض. والثالث: أنشأكم بنبات الأرض. {واستعمركم فيها} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه أعمركم فيها بأن جعلكم فيها مدة أعماركم، قاله مجاهد، من قولهم أعمر فلان فلاناً داره فهي له عمرى. الثاني: امركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها بناء مساكن وغرس أشجار قاله علي بن عيسى. الثالث: أطال فيها أعمالكم، قال الضحاك، كانت أعماركم ألف سنة إلى ثلاثمائة سنة.
|